THEY SAID:

  12- تفسير ارشاد العقل السليم لأبي السعود


 
{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ }
أي استوى أمرُه واستولى وعن أصحابنا أن الاستواءَ على العرش صفة الله تعالى بلا كيف والمعنى أنه تعالى استوى على العرش على الوجه الذي عناه منزهاً عن الاستقرار والتمكن،
والعرشُ الجسم المحيط بسائر الأجسام سمي به لارتفاعه أو للتشبـيه بسرير الملِك فإن الأمورَ والتدابـير تنزِل منه وقيل: الملك.  

  13- تفسير معالم التنزيل للبغوي


{
ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}، قال الكلبي ومقاتل: استقرّ. وقال أبو عبيدة: صعد. وأوّلت المعتزلة الاستواء بالاستيلاء. فأمّا أهل السنة يقولون: الاستواء على العرش صفة لله تعالى بلا كيف يجب على الرجل الإيمان به ويكل العلم فيه إلى الله عزّ وجلّ. وسأل رجل مالك بن أنس عن قوله: {الرَّحْمَـنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، كيف استوى؟ فأطرق رأسه ملياً وعلاه الرحضاء ثم قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أظنك إلا ضالاًّ، ثم أمر به فأخرج. وروي عن سفيان الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك وغيرهم من علماء السنّة في هذه الآيات التي جاءت في الصفات المتشابهات: أمرُّوها كما جاءت بلا كيف.    والعرش في اللغة: هو السرير. وقيل: هو ما علا فأظلّ، ومنه عرش الكروم. وقيل: العرشُ المُلْكُ.  

14- تفسير زاد المسير في علم التفسير لإبن الجوزي


قوله تعالى: {ثم استوى على العرش} قال الخليل بن أحمد: العرش: السرير: وكل سرير لملك يسمى عرشا، وقلما يجمع العرش إلا في اضطرار، واعلم أن ذكر العرش مشهور عند العرب في الجاهلية والإسلام. قال أمية بن أبي الصلت

   مجدوا   الله   فهو   للمجد  أهل         ربنا في السماء  أمسى  كبيرا
 بالبناء  الأعلى الذي سبق الناس     وسوى   فوق   السماء  سريرا
شرجعا  لا  يناله   ناظر    العين     ترى   دونه   الملائك
  صورا

وقال كعب: إن السموات في العرش: كالقنديل معلق بين السماء والأرض. وروى إسماعيل بن أبي خالد عن سعد الطائي قال: العرش ياقوتة حمراء.
وإجماع السلف منعقد على أن لا يزيدوا على قراءة الآية.

 وقد شذ قوم فقالوا: العرش بمعنى الملك. وهذا عدول عن الحقيقة الى التجوز، مع مخالفة الأثر؛ ألم يسمعوا قوله تعالى: {وكان عروشه على الماء[هود:7] أتراه كان الملك على الماء؟ وكيف يكون الملك ياقوتة حمراء؟ وبعضهم يقول: استوى بمعنى استولى؛ ويحتج بقول الشاعر :

حتى استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق

ويقول الشاعر أيضا:

هما استويا بفضلهما جميعا  على عرش الملوك بغير زور

  15- تفسير تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي


{ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي الْلَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ

{ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } من أيام الدنيا، أي في قدرها لأنه لم يكن ثَمَّ شمس، ولو شاء خلقهن في لمحة، والعدول عنه لتعليم خلقه التثبت
{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } هو في اللغة: سرير المَلِك، استواء يليق به  

  16- تفسير فتح القدير للشوكاني


قوله: {
ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ }:
 قد اختلف العلماء في معنى هذا على أربعة عشر قولاً، وأحقها وأولاها بالصواب مذهب السلف الصالح أنه: استوى سبحانه عليه بلا كيف بل على الوجه الذي يليق به مع تنزهه عما لا يجوز عليه.

والاستواء في لغة العرب هو العلوّ والاستقرار. قال الجوهري: استوى على ظهر دابته: أي استقرّ، واستوى إلى السماء: أي صعد، واستوى: أي استولى وظفر، ومنه قول الشاعر:

قد استوى بشر على العراق   من غير سيف ودم مهراق

واستوى الرجل: أي انتهى شبابه، واستوى: أي انتسق واعتدل. وحكى عن أبي عبيدة أن معنى {اسْتَوَى } هنا: علا، ومثله قول الشاعر:

فأورد بهم ماء ثقيفاً بقفرة     وقد حلق النجم اليماني فاستوى

أي:  علا  وارتفع.

والعرش. قال الجوهري: هو سرير الملك. ويطلق العرش على معان أخر منها عرش البيت: سقفه، وعرش البئر: طيها بالخشب، وعرش السماك: أربعة كواكب صغار، ويطلق على الملك والسلطان والعزّ ومنه قول زهير:

تداركتما عبساً وقد ثلّ عرشها  وذبيان إذ زلت بأقدامها النعل

وقول الآخر:

إن يقتلوك فقد ثللت عروشهم   بعتيبة بن الحرث بن شهاب

وقول الآخر:

رأوا عرشي   تثلم   جانباه      فلما   أن   تثلم   أفرذوني

وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة صفة عرش الرحمن، وإحاطته بالسموات والأرض وما  بينهما وما  عليهما،  وهو   المراد هنا.  

-----------------------------

(( والمراد بالعلو والارتفاع  عبارة عن علوّ مجده وصفاته وملكوته. كما بين ذلك اهل التفسير ءانفاً ،انظر قول الطبري والقرطبي وغيرهما ))

17-  تفسير روح المعاني للألوسي 

{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } وهو في المشهور الجسم المحيط بسائر الأجسام وهو فلك الأفلاك سمي به إما لارتفاعه أو للتشبيه بسرير الملك فإنه يقال له عرش ومنه قوله تعالى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} (يوسف: 100) لأن الأمور والتدبيرات تنزل منه، ويكنى به عن العز والسلطان والملك فيقال: فلان ثل عرشه أي ذهب عزه وملكه وأنشدوا قوله

إذا ما بنو مروان ثلت عروشهم     وأودت كما أودت إياد وحمير

وقوله

إن يقتلوك فقد ثللت عروشهم بعيينة بن الحرث بن شهاب

وذكر الراغب «أن العرش مما لا يعلمه البشر (على الحقيقة)إلا بالاسم،
 وليس هو كما تذهب إليه أوهام العامة فإنه لو كان كذلك لكان حاملاً له ـ تعالى عن ذلك (لا محمولاً) ، و (ليس كما) قال قوم: إنه الفلك الأعلى والكرسي فلك الكواكب» وفيه نظر،

والناس في الكلام على هذه الآية ونحوها مختلفون، فمنهم من فسر العرش بالمعنى المشهور، وفسر الاستواء بالاستقرار وروي ذلك عن الكلبـي ومقاتل ورواه البيهقي في كتابه «الأسماء والصفات» بروايات كثيرة عن جماعة من السلف وضعفها كلها.
وما روي عن مالك رضي الله تعالى عنه «أنه سئل كيف استوى؟ فأطرق رأسه ملياً حتى علته الرحضاء ثم رفع رأسه فقال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ثم قال للسائل: وما أظنك إلا ضالاً ثم أمر به فأخرج» ليس نصاً في هذا المذهب لاحتمال أن يكون المراد من قوله: غير مجهول أنه ثابت معلوم الثبوت لا أن معناه وهو الاستقرار غير مجهول.
ومن قوله: والكيف غير معقول أن كل ما هو من صفة الله تعالى لا يدرك العقل له كيفية لتعاليه عن ذلك فكف الكيف عنه مشلولة.

ويدل على هذا ما جاء في رواية أخرى عن عبد الله بن وهب أن مالكاً سئل عن الاستواء فأطرق وأخذته الرحضاء ثم قال: {الرَّحْمَـنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } كما وصف نفسه ولا يقال له: كيف وكيف عنه مرفوع إلى آخر ما قال، ثم إن هذا القول إن كان مع نفي اللوازم فالأمر فيه هين، وإن كان مع القول بها والعياذ بالله تعالى فهو ضلال وأي ضلال وجهل وأي جهل بالملك المتعال،

وما أعرف ما قاله بعض العارفين الذين كانوا من تيار المعارف غارفين على لسان حال العرش موجهاً الخطاب إلى النبـي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج حين أشرقت شمسه عليه الصلاة والسلام في الملأ الأعلى فتضاءل معها كل نور وسراج كما نقله الإمام القسطلاني معرضاً بضلال مثل أهل هذا المذهب الثاني ولفظه مع حذف، ولما انتهى صلى الله عليه وسلم إلى العرش تمسك بأذياله وناداه بلسان حاله يا محمد أنت في صفاء وقتك آمنا من مقتك إلى أن قال: يا محمد أنت المرسل رحمة للعالمين ولا بد لي من نصيب من هذه الرحمة ونصيبـي يا حبيبـي أن تشهد بالبراءة مما نسبه أهل الزور إليَّ وتقوَّله أهل الغرور عليَّ، زعموا أني أسع من لا مثل له وأحيط بمن لا كيفية له يا محمد من لا حد لذاته ولا عد لصفاته كيف يكون مفتقراً إليَّ ومحمولاً عليَّ إذا كان الرحمن اسمه والاستواء صفته وصفته متصلة بذاته كيف يتصل بـي أو ينفصل عني؟ يا محمد وعزته لست بالقريب منه وصلاً ولا بالبعيد عنه فصلاً ولا بالمطيق له حملاً أوجدني منه رحمة وفضلاً ولو محقني لكان حقاً منه وعدلاً يا محمد أنا محمول قدرته ومعمول حكمته اهـ.

وذهب المعتزلة وجماعة من المتكلمين إلى أن العرش على معناه، واستوى بمعنى استولى واحتجوا عليه بقوله

قد استوى بشرى على العراق    من غير سيف ودم مهراق

وخص العرش بالإخبار عنه بالاستيلاء عليه لأنه أعظم المخلوقات، ورد هذا المذهب بأن العرب لا تعرف استوى بمعنى استولى وإنما يقال استولى فلان على كذا إذا لم يكن في ملكه ثم ملكه واستولى عليه والله تعالى لم يزل مالكاً للأشياء كلها ومستولياً عليها ونسب ذلك للأشعرية. وبالغ ابن القيم في ردهم ثم قال: إن لام الأشعرية كنون اليهودية وهو ليس من الدين القيم عندي.

وذهب الفراء واختاره القاضي إلى أن المعنى ثم قصد إلى خلق العرش، ويبعده تعدي الاستواء بعلي، وفيه قول بأن خلق العرش بعد خلق السموات والأرض وهو كما ترى،

وذهب القفال إلى أن المراد نفاذ القدرة وجريان المشيئة واستقامة الملك لكنه أخرج ذلك على الوجه الذي ألفه الناس من ملوكهم واستقر في قلوبهم، قيل: ويدل على صحة ذلك قوله سبحانه في سورة يونس (3) {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبّرُ الاْمْرَ} فإن {يُدَبّرُ الاْمْرَ } جرى مجرى التفسير لقوله: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى، وذكر أن القفال يفسر العرش بالملك ويقول ما يقول، واعترض بأن الله تعالى لم يزل مستقيم الملك مستوياً عليه قبل خلق السموات والأرض وهذا يقتضي أنه سبحانه لم يكن كذلك، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. وأجيب بأن الله تعالى كان قبل خلق السموات والأرض مالكها لكن لا يصح أن يقال: شبع زيد إلا بعد أكله الطعام فإذا فسر العرش بالملك صح أن يقال: إنه تعالى إنما استوى ملكه بعد خلق السموات والأرض،

ومنهم من يجعل الإسناد مجازياً ويقدر فاعلاً في الكلام أي استوى أمره ولا يضر حذف الفاعل إذا قام ما أضيف إليه مقامه، وعلى هذا لا يكون الاستواء صفة له تعالى وليس بشيء.

 ومن فسره بالاستيلاء أرجعه إلى صفة القدرة.

ونقل البيهقي عن أبـي الحسن الأشعري أن الله تعالى فعل في العرش فعلاً سماه استواء كما فعل في غيره فعلاً سماه رزقاً ونعمة وغيرهما من أفعاله سبحانه لأن ثم للتراخي وهو إنما يكون في الأفعال،
وحكى الأستاذ أبو بكر بن فورك عن بعضهم أن استوى بمعنى علا ولا يراد بذلك العلو بالمسافة والتحيز والكون في المكان متمكناً فيه ولكن يراد معنى يصح نسبته إليه سبحانه، وهو على هذا من صفات الذات. وكلمة {ثُمَّ } تعلقت بالمستوى عليه لا بالاستواء أو أنها للتفاوت في الرتبة وهو قول متين.

وأنت تعلم أن المشهور من مذهب السلف في مثل ذلك تفويض المراد منه إلى الله تعالى فهم يقولون: استوى على العرش على الوجه الذي عناه سبحانه منزها عن الاستقرار والتمكن،

وأن تفسير الاستواء بالاستيلاء تفسير مرذول إذ القائل به لا يسعه أن يقول كاستيلائنا بل لا بد أن يقول: هو استيلاء لائق به عز وجل فليقل من أول الأمر هو استواء لائق به جل وعلا. وقد اختار ذلك السادة الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم وهو أعلم وأسلم وأحكم خلافاً لبعضهم. ولعل لنا عودة إلى هذا البحث إن شاء الله تعالى.  

  18- تفسير التحرير والتنوير لإبن عاشور

والاستواء حقيقتهُ الاعتدال، والذي يؤخذ من كلام المحقّقين من علماء اللّغة والمفسّرين أنّه حقيقة في الارتفاع والاعتلاء، كما في قوله تعالى في صفة جبريل {فاستوى وهو بالأفق الأعلى ثم دنا فتدلى} 
(النجم: 6 ـــ 8).
والاستواء له معان متفرّعة عن حقيقته، أشهرها القصد والاعتلاء، وقد التُزم هذا اللّفظ في القرآن مسنداً إلى ضمير الجلالة عند الإخبار عن أحوال سماوية، كما في هذا الآية. ونظائرُها سبعُ آيات من القرآن: هنا. وفي يونس، والرّعد، وطه، والفرقان، وألـم السجدة، والحديد، وفُصِّلت.
 فظهر لي أنّ لهذا الفعل خصوصيّة في كلام العرب كان بِسببها أجدرَ بالدّلالة على المعنى المرادِ تبليغُه مجملاً ممّا يليق بصفات الله ويقرّب إلى الأفهام من معنى عظمته، ولذلك اختِير في هذه الآيات دون غيره من الأفعال التي فسّره بها المفسّرون.
 فالاستواء يعبِّر عن شأن عظيم من شؤون عظمة الخالق تعالى، اختير التّعبير به على طريق الاستعارة والتّمثيلِ: لأنّ معناه أقرب معاني المواد العربيّة إلى المعنى المعبّر عنه من شؤونه تعالى، فإنّ الله لمّا أراد تعليم معاننٍ من عالم الغيب لم يكن يتأتى ذلك في اللّغة إلاّ بأمثلة معلومة من عالم الشّهادة، فلم يكن بد من التّعبير عن المعاني المغيّبة بعبارات تقرّبها ممّا يعبر به عن عالم الشّهادة، ولذلك يكثر في القرآن ذكر الاستعارات التّمثيليّة والتّخييليّة في مثل هذا. وقد كان السّلف يتلقّون أمثالها بلا
بحثٍ ولا سؤال لأنّهم علموا المقصود الإجمالي منها فاقتنعوا بالمعنى مجملاً، ويسمّون أمثالَها بالمتشابهات،
 ثمّ لمّا ظهر عصر ابتداء البحث كانوا إذا سئلوا عن هذه الآية يقولون: استوى الله على العرش ولا نعرف لذلك كيفاً، وقد بيّنتُ أنّ مثل هذا من القسم الثّاني من المتشابه عند قوله تعالى:
 {وأخر متشابهات} في سورة آل عمران (7)، فكانوا يأبون تأويلها.
 وقد حكى عياض في المدارك عن سفيان بن عيينة أنّه قال: سأل رجل مالكاً فقال: الرّحمانُ على العرش استوى. كيفَ استوى يا أبا عبد الله؛ فسكت مالكٌ مليّاً حتّى علاه الرّحَضاء ثمّ سُرّيَ عنه، فقال: «الاستواء معلوم و
  الكيف  غير معقول والسؤال عن هذا بدعة والإيمان به واجب وإنّي لأظنّك ضالاً» واشتهر هذا عن مالك في روايات كثيرة، وفي بعضها أنّه قال لمن سأله: «وأظنّك رجُلَ سوء أخْرِجُوه عنّي» وأنّه قال: «والسؤالُ عنه بدعة».
 وعن سفيان الثّوري أنّه سئل عنها: «فقال:
فَعَلَ الله فعلا في العرش سمّاه استواء».

 قد تأوّله المتأخّرون من الأشاعرة تأويلات،
 أحسنها: ما جنح إليه إمام الحرمين أنّ المراد بالاستواء الاستيلاء بقرينة تعديته بحرف على، وأنشدوا على وجه الاستيناس لذلك قولَ الأخطل:

قد استوى بِشْرٌ على العراق     بغيرِ  سيف   ودم   مُهْرَاق

وأُراه بعيداً، لأنّ العرش ما هو إلاّ من مخلوقاته فلا وجه للإخبار باستيلائه عليه، مع احتمال أن يكون الأخطل قد انتزعه من هذه الآية، وقد قال أهل اللّغة: إنّ معانيه تختلف باختلاف تعديته بعَلى أو بإلى، قال البخاري، عن مجاهد: استوى عَلا على العرش، وعن أبي العالية: استوى إلى السّماء ارتفع فسَوى خلقهن. وأحسب أنّ استعارته تختلف بقرينة الحَرف الذي يُعدّى به فعله، فإن عُدّي بحرف (على) كما في هذه الآية ونظائرها فهو مستعار من معنى الاعتلاء، مستعمل في اعتلاء مجازي يدلّ على معنى التّمكّن، فيحتمل أنّه أريد منه التّمثيل، وهو تمثيل شأننِ تصرّفه تعالى بتدبير العوالم، ولذلك نجده بهذا التّركيب في الآيات السّبع واقعاً عقب ذكر خلق السّماوات والأرض، فالمعنى حينئذ: خلقَها ثمّ هو يدبّر أمورها تدبير المَلِك أمور مملكته مستوياً على عَرشه. وممّا يقرب هذا المعنى قول النّبيء صلى الله عليه وسلم "يَقْبِض الله الأرضَ ويطوي السّماوات يومَ القيامة ثمّ يقول: أنا المَلِك أيْنَ ملوك الأرض" ولذلكَ أيضاً عُقب هذا التّركيب في مواقعه كلّها بما فيه معنى التّصرف كقوله هنا {يغشى الليل النهار الخ، وقوله في سورة يونس (3): {يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه} 
وقوله في سورة الرّعد (2):
 {وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات} وقوله في سورة ألم السجدة (4، 5): {مالكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون يدبر الأمر من السماء إلى الأرض} وكمال هذا التّمثيل يقتضي أن يكون كلّ جزءٍ من أجزاء الهيئة الممثّلة مشبهاً بجزء من أجزاء الهيئة الممثَّل بها، فيقتضي أن يكون ثمة موجود من أجزاء الهيئة الممثّلة مشابهاً لعرش المَلك في العظمة، وكونه مصدر التّدبير والتّصرف الإلهي يفيض على العوالم قوى تدبيرها. وقد دلّت الآثار الصّحيحة من أقوال الرّسول عليه الصّلاة والسّلام على وجود هذا المخلوق العظيم المسمّى بالعرش كما سنبيّنه.
فأمّا إذا عُدّي فعل الاستواء بحرف اللاّم فهو مستعار من معنى القصد والتّوجّه إلى معنى تعلّق الإرادة، كما في قوله:
 {ثم استوى إلى السماء} (البقرة: 29). وقد نحا صاحب «الكشاف» نحواً من هذا المعنى، إلاّ أنّه سلك به طريقة الكناية عن المُلك: يقولون استوى فلان على العرش يريدون مُلك. والعرش حقيقته الكرسي المرتفع الذي يجلس عليْه المَلِك، قال تعالى: {ولها عرش عظيم} (النما: 23) وقال: {ورفع أبويه على العرش} (يوسف: 100)، وهو في هذه الآية ونظائرها مستعمل جزءا من التّشبيه المركّب، ومن بداعة هذا التّشبيه أن كان كلّ جزء من أجزاءِ الهيئة المشبهة مماثلاً لجزءٍ من أجزاء الهيئة المشبَّه بها، وذلك أكمل التّمثيل في البلاغة العربيّة، كما قدّمتُه آنفاً. وإذ قد كان هذا التّمثيل مقصوداً لتقريب شأن من شؤون عظمة مُلك الله بحال هيئةٍ من الهيئات المتعارفة، ناسب أن يشتمل على ما هو شعار أعظم المدبّرين للأمور المتعارفة أعني الملوك، وذلك شعارُ العرش الذي من حَوْله تصدر تصرّفات الملك، فإنّ تدبير الله لمخلوقاته بأمر التّكوين يكون صدوره بواسطة الملائكة، وقد بيّن القرآن عَمَل بعضهم مثل جبريل عليه السّلام وملَككِ الموت، وبيَّنت السنة بعضها: فذكرت ملك الجبال، وملك الرّياح، والملك الذي يباشر تكوين الجنين، ويكتُب رزقَه وأجلَه وعاقبتَه، وكذلك أشار القرآن إلى أن من الموجودات العلويّة موجوداً منوّها به سمّاه العرش ذكره القرآن في آيات كثيرة. ولمّا ذكر خلق السّماوات والأرض وذكر العرش ذكره بما يشعر بأنّه موجود قبل هذا الخلق. وبيّنت السنّة أنّ العرش أعظم من السماوات وما فيهن، من ذلك حديث عمران بن حصين أنّ النّبيء صلى الله عليه وسلم قال: "كان الله ولم يكن شيء قبلَه وكان عرشه على الماء ثمّ خلق السّماوات والأرض" وحديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال في حديث طويل: "فإذا سألتم الله فاسألُوه الفِردوس فإنّه أوسط الجنّة، وأعلَى الجنّة وفوقَه عرش الرّحمان ومنه تفجَّر أنهار الجنّة" وقد قيل إنّ العرشِ هو الكرسي وأنّه المراد في قوله تعالى: {وسع كرسيه السماوات والأرض} كما تقدّم الكلام عليه في سورة البقرة (255).
 
وقد دلّت (ثُمّ) في قوله: {ثم استوى على العرش} على التّراخي الرّتبي أي وأعظم من خلق السّماوات والأرض استواءه على العرش، تنبيهاً على أنّ خلق السّماوات والأرض لم يحدث تغييراً في تصرّفات الله بزيادة ولا نقصان، ولذلك ذكر الاستواء على العرش عقب ذكر خلق السّماوات والأرض في آيات كثيرة، ولعلّ المقصد من ذلك إبطال ما يقوله اليهود: إنّ الله استراح في اليوم السّابع فهو كالمقصد من قوله تعالى: {ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب} (ق: 38). وجملة {يغشى الليل النهار} في موضع الحال من اسم الجلالة، ذكر به شيء من عموم تدبيره تعالى وتصرّفه المضمّن في الاستواء على العرش، وتنبيه على المقصود من الاستواء، ولذلك جاء به في صورة الحال لا في صورة الخبر، كما ذكر بوجه العموم في آية سورة يونس (3) وسورة الرّعد (2) بقوله: {يدبر الأمر} وخصّ هذا التّصرف بالذّكر لما يدلّ عليه من عظيم المقدرة، وما فيه من عبرة التّغيّر ودليللِ الحدوث، ولكونه متكرّراً حدوثه في مشاهدة النّاس كلّهم.  

19-  تفسير  ابن عطيه

20-soon

21-soon

 P. 4

  صفحة ايات الاستواء 


Arabic Index

 
首 頁
INDEX

古 蘭 經 第 七 章

參考 以上大 學者 所解釋此章節的之後 就可知到 
那些所謂
古兰经中文解釋的書中那一部解釋的是正確

《古兰经》马坚译本  

五四 你們的主確是真主,他在六日內創造了天地,然後,升上寶座,他使黑夜追求白晝     ,而遮蔽它;他把日月和星宿造成順從他的命令的。真的,創造和命令只歸他主持     。多福哉真主——全世界的主!

{解釋的 完全不正確}

《古蘭經》 仝道章譯本
54、你們的主是安拉,他在六天當。中造化了諸天和大地,並穩固地確立在(權威的)寶座之上。他使夜遮蓋晝,(並使它們)迴圈追蹤。他也使太陽、月亮和星星都服從他的命令。一切造化和命令(的大權)都屬於他。讚美安拉,眾世界的主。

{解釋的 完全不正確}

《古蘭經》王靜齋譯本

54、 你們的養主,是那在六日間造化了天地,隨後操縱[阿勒世](寶座)的主,他用夜覆晝,夜在忽忙追晝著,並造化了日月群星,一切奉主的命令受制著。須和惟他掌造化與命令。安拉——調養主眾世界的玄高了。

{解釋的接近正確}

《古蘭經》時子周譯本

54、你們的主,是安拉,他造化諸天與地分六日,然後他操王權。他用夜覆晝,迴圈追逐不已;他造化了日月群星,一切都服從他的命令。確實他掌造化與命令。吉慶的是安拉,眾世界的主。
{解釋的接近正確}