بسم الله الرحمن
الرحيم
الحمد لله رب
العالمين والصلاة والسلام عل سيدنا محمد الصادق الأمين وعلى
آله وأصحابه أجمعين
أما بعد: فيا أحبابي تأملوا في ما يلي:
روى الإمام الطبراني في (المعجم الكبير)، ووالإمام البيهقي
في(شعب الإيمان)، وأبوبكر الخلال في(القراءة عندالقبور).
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بن إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ،
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن بَحْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ
بن إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن الْعَلاءِ
بن اللَّجْلاجِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبِي:"يَا
بنيَّ، إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَلْحِدْنِي، فَإِذَا وَضَعْتَنِي
فِي لَحْدِي، فَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ
اللَّهِ، ثُمَّ سِنَّ عَلَيَّ الثَّرَى سِنًّا، ثُمَّ اقْرَأْ
عِنْدَ رَأْسِي بِفَاتِحَةِ الْبَقَرَةِ، وَخَاتِمَتِهَا،
فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ". (:لمعجم الكبير للطبراني /باب
اللام/ ج19/ص220/ مكتبة العلوم والحكم – الموصل/ 1404 - 1983 /تحقيق
: حمدي بن عبدالمجيد السلفي.)
قا ل نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي في(مجمع الزوائد ومنبع
الفوائد) : رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون.(مجمع
الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي/ دار الفكر، بيروت - 1412 هـ/
ب3/ل161)
واعتمد هذا الحديث كالدليل على القراءة للأموات الشيخ جلال
الدين السيوطي في (الدر المنثور)، وكذا أبو محمد الحنفي
الزيلعي في(نصب الراية لأحاديث الهداية)، و إبن حجرالعسقلاني
في(تلخيص الحبير في أحاديث الرافعي الكبير)، وإبن عساكر
في(تأريخ دمشق)، و عبد الرؤوف المناوي في (فيض القدير شرح
الجامع الصغير)، و (محمد علي محمد الشوكاني الذي يعتمد على
قوله السلفييون) في (نيل الأوطار) في موضعين وغيرهم ذكروه
كالدليل.
ورواية أخرى عن إبن عمر وة رضي الله عنهما
روى الطبراني في(المعجم الكبير)13613،والبيهقي في (شعب
الإيمان)8986
حدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ , حَدَّثَنَا يَحْيَى
بن عَبْدِ اللَّهِ الْبَابْلُتِّيُّ , حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بن
نَهِيكٍ , قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءَ بن أَبِي رَبَاحٍ , يَقُولُ:
سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ , يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يَقُولُ:إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ
فَلا تَحْبِسُوهُ , وَأَسْرِعُوا بِهِ إِلَى قَبْرِهِ ,
وَلْيُقْرَأْ عِنْدَ رَأْسِهِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ,
وَعِنْدَ رِجْلَيْهِ بِخَاتِمَةِ الْبَقَرَةِ فِي قَبْرِهِ .(المعجم
الكبير للطبراني /باب العين/ ج12/ص444/ مكتبة العلوم والحكم –
الموصل/ 1404 - 1983 /تحقيق : حمدي بن عبدالمجيد السلفي)
في هذا الحديث بعض العلماء يقول:إنه ضعيف ، وبعض آخريقول:
موقوف على ابن عمر.
ولكن إبن حجرالعسقلاني في (الفتح الباري/ج4/ص):أَخْرَجَهُ
الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَن.
ومعلوم أن إبن حجر العسقلاني ثقة حتى عند السلفيين.
وذكر السيوطي في (الدر المنثور)، و(الشوكاني)في (فتح القدير
الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير/للشوكاني/ دار
النشر: دار الفكر – بيروت/ج1/ص38.) وفي(نيل الأوطار من أحاديث
سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار/ للشوكاني/دار النشر: دار الجيل
- بيروت – 1973/ج4/ص115)، و محمد بن إسماعيل الصنعاني في (سبل
السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام/لمحمد بن إسماعيل
الصنعاني /دار النشر، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، 1379/
الطبعة4/ تحقيق: محمد عبدالعزيز الخولي/ج2/ص106)كالدليل.
وأيضا اللجنة الدائمة الفقهيه في السعودية التي تشكلت من :كبائر
السلفيين(بكر أبو زيد ، صالح الفوزان ، عبد العزيز بن عبد الله
آل الشيخ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز رئيس اللجنة) يعتبرون
هذا الحديث حسنا.(: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية
والإفتاء/لأحمد بن عبد الرزاق الدرويش/ رئاسة إدارة البحوث
العلمية والإفتاء ، الإدارة العامة للطبع ، الرياض/ 1417هـ -
1996م الطبعة : الأولى/ الفتوى رقم (1705).
قال الإمام الكبير أحمد بن حنبل:إذا دخلتم المقابر فاقرأوا
بفاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو الله أحد واجعلوا ذلك لأهل
المقابر فإنه يصل إليهم :ينظر:الإمتاع بالأربعين المتباينة
السماع/لابن حجر العسقلاني / دار الكتب العلمية - بيروت/الطبعة
الأولى ، 1997/تحقيق : أبي عبدالله محمد حسن محمد الشافعي/ص85)
( وفي رواية قال:إذا دخلتم المقابر اقرأوا آية الكرسي وثلاث
مرار قل هو الله أحد ثم قلوا اللهم ان فضله لاهل المقابر)ينظر:
الشرح الكبير لابن قدامة المقدسي/ دار الكتاب العربي للنشر
والتوزيع/ج2/ص424/، وأيضا /المغني لابن قدامة المقدسي/ دار
الفكر - بيروت/الطبعة الأولى ، 1405/ج2/ص224.
ونقل هذا عن الإمام أحمد أبوبكر بن الخلال الحنبلي في(القراءة
عندالقبور)وابن حجرالعسقلاني في( الإمتاع بالأربعين المتباينة
السماع)، وة إبن قدامة في(المغني) و(الشرح الكبير)يرجع إلى
المصادرالسابقة.
وأيضا إبن تيمية (الذي تعتبره السلفية كأول مؤسس لعقيدتهم
العجيبة) في (اقتضاء الصراط المستقيم و(فتاواه):إقتضاء الصراط
المستقيم لمخالفة أصاب الجحيم/لابن تيمية الحراني/ج2/ص236-239./ومجموع
الفتاوى لابن تيمية/ج24/ص317
أشار إلى أن أصح الأقوال ولآخرها للإمام أحمد بن حنبل -رحمة
الله- على ثواب القراءة يصل إلى الأموات.
وأيضا جمهورعلماء المذاهب الأربعة(الحنفية والمالكية والشافعية
والحنبلية) على وصول ثواب القراءة للأموات (ينظر:موقع وزارة
الأوقاف المصرية )
تنبيه:بعض من هذا العصر يقول إن الإمام الشافعى -رحمة الله-
على أن ثواب القراءة لايصل إلى الأموات ، لأنه قال : ذللك في
(الأم)
ولكن هذا الكلام باطل لسببين:
1-قال القاضي زكريا الأنصاري في فتح الوهاب::"فقال النووي في
شرح مسلم المشهور من مذهب الشافعي أنه لا يصل ثوابها إلى الميت
وقال بعض أصحابنا يصل وذهب جماعات من العلماء إلى أنه يصل إليه
ثواب جميع العبادات من صلاة وصوم وقراءة وغيرها"
ثم قال بعد مانقله من النووي رحمه:" وما قاله من مشهور المذهب
محمول على ما إذا قرأ لا بحضرة الميت ولم ينو ثواب قراءته له
أو نواه ولم يدع بل قال السبكي "الذي دل عليه الخبر بالاستنباط
أن بعض القرآن إذا قصد به نفع الميت نفعه وبين ذلك وقد ذكرته
في شرح الروض"فتح الوهاب شرح منهج الطلاب/ للقاضي زكريا
الأنصاري/ دار النشر: دار الفكر، بيروت/ج4/ص68).
2- وقال ابن حجر العسقلاني في(الإمتاع بالأربعين المتباينة
السماع) :وروى أيضا عن الزعفراني قال سألت الشافعي رضي الله
عنه القراءة عند القبر فقال لا بأس به // حسن //
وهذا نص غريب عن الشافعي والزعفراني من رواة القديم وهو ثقة
وإذا لم يرد في الجديد ما يخالف منصوص القديم فهو معمول به
ولكن يلزم من ذلك أن يكون الشافعي قائلا بوصول ثواب القرآن لأن
القرآن أشرف الذكر والذكر يحتمل به بركة للمكان الذي يقع فيه
وتعم تلك البركة سكان المكان وأصل ذلك وضع الجريدتين في القبر
بناء على أن فائدتهما أنهما ما دامتا رطبتين تسبحان فتحصل
البركة بتسبيحهما لصاحب القبر ولهذا جعل غاية التخفيف جفافهما
وهذا على بعض التأويلات في ذلك وإذا حصلت البركة بتسبيح
الجمادات فبالقرآن الذي هو أشرف الذكر من الآدمي الذي هو أشرف
الحيوان أولى بحصول البركة بقراءته ولا سيما إن كان القارئ
رجلا صالحا والله أعلم(ينظر:الإمتاع بالأربعين المتباينة
السماع/لابن حجر العسقلاني / دار الكتب العلمية - بيروت/الطبعة
الأولى ، 1997/تحقيق : أبي عبدالله محمد حسن الشافعي/ص85-86).
وقد سئل الشمس محمد بن علي بن محمد بن عيسى العسقلاني الكناني
الشافعي المعروف بإبن القطان المتوفى سنة 318 هـ وهو من مشايخ
الحافظ ابن حجر عن مسائل فأجاب ومنها: وهل يصل ثواب القراءة
للميت أم لا فأجاب عنها في رسالة سماها (القول بالإحسان العميم
في انتفاع الميت بالقراءن العظيم) قال فيه رحمه الله [قال
كثيرون منهم يصل ثواب القراءة للميت وبه قال الإمام أحمد بعد
أن قال القراءة على القبر بدعه بل نقل عنه أنه يصل إلى الميت
كل شئ من صدقة وصلاة و حج وصوم واعتكاف وقراءة وذكر وغير ذلك
ونقل ذلك عن جماعة من السلف ونقل عن الشافعي انتفاع الميت
بالقراءة على قبره واختاره شيخنا شهاب الدين ابن عقيل وتواتر
أن الشافعي زار الليث بن سعد وأثنى عليه خيرا وقرأ عنده ختمه
وقال :أرجو أن تدوم فكان الأمر كذلك،ا وقد أفتى القاضي حسين
بأن الإستئجار للقراءة على رأس القبر جائز كالإستئجار للأذان
وتعليم القرءان، قال النووي في زيادات الروضة (ظاهر كلامه صحة
الإجارة مطلقا وهو المختار فإن موضع القراءة موضع بركة وتنزل
الرحمة وهذا مقصود ينفع الميت). وعن القاضي أبي الطيب (الثواب
للقارئ والميت كالحاضر فترجى له الرحمة والبركة). وقال القرطبي
(وقد استدل بعض علمائنا على قراءة القرءان على القبر بحديث
العسيب الرطب الذي شقه النبي صلى الله عليه وسلم اثنين ثم غرس
على قبر نصف وعلى قبر نصف وقال "لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا"
رواه الشيخان). قال (ويستفاد من هذا غرس الأشجار وقراءة
القرءان على القبور وإذا خفف عنهم بالأشجار فكيف بقراءة الرجل
المؤمن القرءان)، وقال النووي (استحب العلماء قراءة القرءان
عند القبر واستأنسوا بذلك بحديث الجريدتين وقالوا: إذا وصل
النفع إلى الميت بتسبيحهما حال رطوبتهما فانتفاع الميت بقراءة
القرءان عند قبره أولى فإن قراءة القرءان من إنسان أعظم وأنفع
من التسبيح من عود وقد نفع القرءان بعض من حصل له ضرر في حال
الحياة فالميت كذلك)، قال ابن الرفعة (الذي دل عليه الخبر
بالاستنباط أن بعض القرءان إذا قصد به نفع الميت وتخفيف ما هو
فيه نفعه إذ ثبت أن الفاتحة لما قصد بها القارئ نفع الملدوغ
نفعته)، وأقر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله "وما يدريك
بأنها رقية" وإذا نفعة الحيّ بالقصد كان نفع الميت بها أولى
لأن الميت يقعُ عنه من العبادات بغير إذنه ما لا يقعُ من الحي،
نعم يبقى النظر في أن ما عدا الفاتحة من القرءان الكريم إذا
قُرأ وقُصد به ذلك هل يلتحق به).اهـ. نعم يلتحق به فروى ابن
السني من حديث ابن مسعود أنه قرأ في أُذن مبتلى فأفاق فقال له
رسول الله "ما قرأت في أذنه" قال قرأت {أحسبتم أنما خلقناكم
عبثا} حتى فرغت من ءاخر السورة فقال صلى الله عليه وسلم "لو أن
رجلا قرأ بها على جبل لزال"، ومثل ذلك ما جاء به في القراءة
بالمعوذتين والإخلاص وغير ذلك، وفي الرقية بالفاتحة دليل على
صحة الإجارة والجعالة لينتفع بها الحي فكذلك الميت. ومما يشهد
لنفع الميت بقراءة غيره حديث معقل بن يسار "اقرأوعلى موتاكم"
رواه أبو داود وحديث :"إقرأو يس على موتاكم" رواه النسائي وابن
ماجه وابن حبان، وحديث "يس ثلث القرءان لا يقرأها رجل يريد
الله والدار الآخرة إلا غفر له فاقرءوها على موتاكم" رواه
أحمد. وأول جماعة من التابعين القراءة للميت بالمحتضر والتأويل
خلاف الظاهر، ثم يقال عليه إذا انتفع المحتضر بقراءة يس وليس
من سعيه فالميت كذلك والميت كالحي الحاضر يسمع كالحي الحاضر
كما ثبت في الحديث]. انتهى ما نقلته من كلام ابن القطان.ا
قال الحافظ النووي في رياض الصالحين في باب الدعاء للميت بعد
دفنه والقعود عند قبره ساعة بعد دفنه للدعاء له والاستغفار
والقراءة ما نصه [قال الشافعي رحمه الله: ويستحب أن يقرأ عنده
شئ من القرءان وإن ختموا القرءان عنده كان حسنًا].ا
أحبابي في الله هذا هو الحق إن تبعتوه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.