بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع  

>  كتاب السير > فصل في بيان أحكام المرتدين

قال المؤلف:

(فَصْلٌ ) وَأَمَّا بَيَانُ أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّينَ فَالْكَلَامُ فِيهِ فِي مَوَاضِعَ ، فِي بَيَانِ رُكْنِ الرِّدَّةِ،  وَفِي بَيَانِ شَرَائِطِ صِحَّةِ الرُّكْنِ ، وَفِي بَيَانِ حُكْمِ الرِّدَّةِ   ، أَمَّا رُكْنُهَا ، فَهُوَ إجْرَاءُ كَلِمَةِ الْكُفْرِ عَلَى اللِّسَانِ بَعْدَ وُجُودِ الْإِيمَانِ ، إذْ الرِّدَّةُ عِبَارَةٌ عَنْ الرُّجُوعِ عَنْ الْإِيمَانِ ، فَالرُّجُوعُ عَنْ الْإِيمَانِ يُسَمَّى رِدَّةً فِي عُرْفِ الشَّرْعِ . 

وَأَمَّا شَرَائِطُ صِحَّتِهَا فَأَنْوَاعٌ ، مِنْهَا الْعَقْلُ ، فَلَا تَصِحُّ رِدَّةُ الْمَجْنُونِ ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ مِنْ شَرَائِطِ الْأَهْلِيَّةِ خُصُوصًا فِي الِاعْتِقَادَاتِ ، وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَإِنْ ارْتَدَّ فِي حَالِ جُنُونِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ ارْتَدَّ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ صَحَّتْ ، لِوُجُودِ دَلِيلِ الرُّجُوعِ فِي إحْدَى الْحَالَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى ، وَكَذَلِكَ السَّكْرَانُ الذَّاهِبُ الْعَقْلِ لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ اسْتِحْسَانًا ، وَالْقِيَاسُ أَنْ تَصِحَّ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ .
( وَجْهُ )
الْقِيَاسِ أَنَّ الْأَحْكَامَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِظَاهِرِ اللِّسَانِ لَا عَلَى مَا فِي الْقَلْبِ ، إذْ هُوَ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ .
( وَجْهُ )
الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ أَحْكَامَ الْكُفْرِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْكُفْرِ، كَمَا أَنَّ أَحْكَامَ الْإِيمَانِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَالْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ يَرْجِعَانِ إلَى التَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ
، وَإِنَّمَا الْإِقْرَارُ دَلِيلٌ عَلَيْهِمَا ، وَإِقْرَارُ السَّكْرَانِ الذَّاهِبِ الْعَقْلِ لَا يَصْلُحُ دَلَالَةً عَلَى التَّكْذِيبِ ، فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ . وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَهَلْ هُوَ شَرْطٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ ؟ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : لَيْسَ بِشَرْطٍ فَتَصِحُّ رِدَّةُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ.

العودة الى صفحة
أحكام الرّدّة  في مذهب  السادة الاحناف

العودة الى صفحة
أحكام الرّدّة  في المذاهب الاربعة 

Arabic Index

 
首 頁
INDEX