< كشف الأسرار
شرح أصول البزدوي

باب معرفة أقسام الأسباب والعلل والشروط> باب بيان العقل > باب بيان الأهلية > باب العوارض المكتسبة وهي نوعان >

 <  فصل الهزل من العوارض المكتسبة

قال المؤلف:

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ فَإِنَّ الْهَزْلَ بِالرِّدَّةِ كُفْرٌ لَا بِمَا هَزَلَ بِهِ لَكِنْ بِعَيْنِ الْهَزْلِ ؛ لِأَنَّ الْهَازِلَ جَادٌّ فِي نَفْسِ الْهَزْلِ مُخْتَارٌ رَاضٍ وَالْهَزْلُ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ اسْتِخْفَافٌ بِالدِّينِ الْحَقِّ فَصَارَ مُرْتَدًّا بِعَيْنِهِ لَا بِمَا هَزَلَ بِهِ إلَّا أَنَّ أَثَرَهُمَا سَوَاءٌ بِخِلَافِ الْمُكْرَه ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَقِدٍ لَعَيْنِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ  .

شرح: قَوْلُهُ ( لَا بِمَا هَزَلَ بِهِ ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ مَبْنَى الرِّدَّةِ عَلَى تَبَدُّلِ الِاعْتِقَادِ وَلَمْ يُوجَدْ هَاهُنَا لِوُجُودِ الْهَزْلِ فَإِنَّهُ يُنَافِي الرِّضَاءَ بِالْحُكْمِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ الْهَزْلُ بِالرِّدَّةِ كُفْرًا كَمَا فِي حَالِ الْإِكْرَاهِ وَالسُّكْرِ فَقَالَ الْهَزْلُ بِالرِّدَّةِ كُفْرٌ لَا بِمَا هَزَلَ بِهِ لَكِنْ بِعَيْنِ الْهَزْلِ يَعْنِي: أَنَّا لَا نَحْكُمُ بِكُفْرِهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ اعْتَقَدَ مَا هَزَلَ بِهِ مِنْ الْكُفْرِ بَلْ نَحْكُمُ بِكُفْرِهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ نَفْسَ الْهَزْلِ بِالْكُفْرِ كُفْرٌ ؛ لِأَنَّ الْهَازِلَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا بِحُكْمٍ مَا هَزَلَ بِهِ لِكَوْنِهِ هَازِلًا فِيهِ فَهُوَ جَادٌّ فِي نَفْسِ التَّكَلُّمِ بِهِ مُخْتَارٌ لِلسَّبَبِ رَاضٍ بِهِ فَإِنَّهُ إذَا سَبَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَازِلًا مَثَلًا أَوْ دَعَا لِلَّهِ تَعَالَى شَرِيكًا هَازِلًا فَهُوَ رَاضٍ بِالتَّكَلُّمِ بِهِ مُخْتَارٌ لِذَلِكَ لِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَقِدًا لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ وَالتَّكَلُّمُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ هَازِلًا اسْتِخْفَافٌ بِالدِّينِ الْحَقِّ وَهُوَ كُفْرٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { قُلْ أَبِاَللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ} فَصَارَ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكُفْرِ بِطَرِيقِ الْهَزْلِ مُرْتَدًّا بِعَيْنِ الْهَزْلِ لِاسْتِخْفَافِهِ بِالدَّيْنِ الْحَقِّ لَا بِمَا هَزَلَ بِهِ أَيْ لَا بِاعْتِقَادِ مَا هَزَلَ بِهِ إلَّا أَنَّ أَثَرَهُمَا أَيْ أَثَرَ الْهَزْلِ بِالْكُفْرِ وَأَثَرَ مَا هَزَلَ بِهِ سَوَاءٌ فِي إزَالَةِ الْإِيمَانِ وَإِثْبَاتِ الْكُفْرِ بِخِلَافِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْكُفْرِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ بِالسَّبَبِ وَالْحُكْمِ جَمِيعًا بَلْ يُجْرِيهِ عَلَى لِسَانِهِ اضْطِرَارًا وَدَفْعًا لِلشَّرِّ عَنْ نَفْسِهِ غَيْرَ مُعْتَقِدٍ لَهُ أَصْلًا . وَلَا يُقَالُ إنَّ الْهَازِلَ لَا يَعْتَقِدُ الْكُفْرَ أَيْضًا لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ مُعْتَقِدٌ لِلْكُفْرِ ؛ لِأَنَّ مِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ حُرْمَةُ الِاسْتِخْفَافِ بِالدِّينِ وَعَدَمُ الرِّضَاءِ بِهِ وَلَمَّا رَضِيَ بِالْهَزْلِ مُعْتَقِدًا لَهُ كَانَ كَافِرًا كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ

                                               1                                                          

العودة الى صفحة
أحكام الرّدّة  في مذهب  السادة الاحناف

العودة الى صفحة
أحكام الرّدّة  في المذاهب الاربعة 

 

Arabic Index

 
首 頁
INDEX