¡@

< درر الحكام شرح غرر الأحكام 

< كتاب الكراهية والاستحسان  

فصل:  تعليم صفة الإيمان للناس وبيان خصائص أهل السنة

قال المؤلف:

( فَصْلٌ) فِي الذَّخِيرَةِ:  إنَّ تَعْلِيمَ صِفَةِ الْإِيمَانِ لِلنَّاسِ وَبَيَانَ خَصَائِصِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ أَهَمِّ الْأُمُورِ ، وَلِلسَّلَفِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ تَصَانِيفُ وَالْمُخْتَصَرِ أَنْ يَقُولَ مَا أَمَرَنِي اللَّهُ بِهِ قَبِلْتُهُ وَمَا نَهَانِي عَنْهُ انْتَهَيْت عَنْهُ فَإِذَا اعْتَقَدَ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ وَأَقَرَّ بِلِسَانِهِ كَانَ إيمَانُهُ صَحِيحًا وَكَانَ مُؤْمِنًا بِالْكُلِّ ، وَفِيهِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لَا أَدْرِي أَصَحِيحٌ إيمَانِي أَمْ لَا فَهَذَا خَطَأٌ إلَّا إذَا أَرَادَ بِهِ نَفْيَ الشَّكِّ كَمَنْ يَقُولُ لِشَيْءٍ نَفِيسٍ لَا أَدْرِي أَيَرْغَبُ فِيهِ أَحَدٌ أَمْ لَا وَمَنْ شَكَّ فِي إيمَانِهِ وَقَالَ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ كَافِرٌ إلَّا أَنْ يُؤَوِّلَهَا فَقَالَ لَا أَدْرِي أَخَرَجَ مِنْ الدُّنْيَا مُؤْمِنًا فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ كَافِرًا . وَفِي الْمُحِيطِ : مَنْ أَتَى بِلَفْظَةِ الْكُفْرِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا كُفْرٌ إنْ كَانَ عَنْ اعْتِقَادٍ لا شَكَّ أَنَّهُ يَكْفُرُ ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لَفْظَةُ الْكُفْرِ وَلَكِنْ أَتَى بِهَا عَنْ اخْتِيَارٍ فَقَدْ كَفَرَ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ ولا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَاصِدًا فِي ذَلِكَ بِأَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِشَيْءٍ آخَرَ فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ لَفْظَةُ الْكُفْرِ نَحْوُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ " بِحَقِّ آنكه تواخدى وَمَا بند كَانَ تو " فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ عَكْسُهُ فَلَا يَكْفُرُ وَفِي الْأَجْنَاسِ عَنْ مُحَمَّدٍ نَصًّا : أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَكَلْت فَقَالَ كَفَرْت أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ، قَالُوا هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَأَمَّا الْقَاضِي فَلَا يُصَدِّقُهُ  ، وَمَنْ أَضْمَرَ الْكُفْرَ أَوْ هَمَّ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ وَمَنْ كَفَرَ بِلِسَانِهِ طَائِعًا وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ فَهُوَ كَافِرٌ ولايَنْفَعُهُ مَا فِي قَلْبِهِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ يُعْرَفُ بِمَا يَنْطِقُ بِهِ فَإِذَا نَطَقَ بِالْكُفْرِ كَانَ كَافِرًا عِنْدَنَا وَعِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ ، وَفِي سِيَرِ الْأَجْنَاسِ : مَنْ عَزَمَ عَلَى أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِالْكُفْرِ كَانَ بِعَزْمِهِ كَافِرًا وَمَنْ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ وَضَحِكَ غَيْرُهُ يَكْفُرُ الضَّاحِكُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الضَّحِكُ ضَرُورِيًّا بِأَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مُضْحِكًا ، وَلَوْ تَكَلَّمَ بِهَا مُذَكِّرٌ وَقَبِلَ الْقَوْمُ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَدْ كَفَرُوا وَالرِّضَا بِكُفْرِ نَفْسِهِ كُفْرٌ بِالِاتِّفَاقِ ، وَأَمَّا الرِّضَا بِكُفْرِ غَيْرِهِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ . وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خواهر زاده فِي شَرْحِ السِّيَرِ : أَنَّ الرِّضَا بِكُفْرِ الْغَيْرِ إنَّمَا يَكُونُ كُفْرًا إذَا كَانَ يَسْتَخِيرُ الْكُفْرَ أَوْ يَسْتَحْسِنُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَلَكِنْ أَحَبَّ الْمَوْتَ أَوْ الْقَتْلَ عَلَى الْكُفْرِ لِمَنْ كَانَ شِرِّيرًا مُؤْذِيًا بِطَبْعِهِ حَتَّى يَنْتَقِمَ اللَّهُ مِنْهُ فَهَذَا لَا يَكُونُ كُفْرًا وَمَنْ تَأَمَّلَ فِي قَوْله تَعَالَى { رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا { يَظْهَرُ لَهُ صِحَّةُ مَا ادَّعَيْنَاهُ وَعَلَى هَذَا إذَا دَعَا عَلَى ظَالِمٍ وَقَالَ أَمَاتَك اللَّهُ عَلَى الْكُفْرِ أَوْ قَالَ سَلَبَ اللَّهُ عَنْك الْإِيمَانَ وَنَحْوَهُ فَلَا يَضُرُّهُ إنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنْ يَنْتَقِمَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ عَلَى ظُلْمِهِ وَإِيذَائِهِ الْخَلْقَ قَالَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَقَدْ عَثَرْنَا عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَّ الرِّضَا بِكُفْرِ الْغَيْرِ كُفْرٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ ، وَمَنْ خَطَرَ بِبَالِهِ أَشْيَاءُ تُوجِبُ الْكُفْرَ إنْ تَكَلَّمَ بِهَا وَهُوَ كَارِهٌ لِذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ وَهُوَ مَحْضُ الْإِيمَانِ ، وَمَنْ اعْتَقَدَ الْحَلَالَ حَرَامًا أَوْ بِالْعَكْسِ يَكْفُرُ  ،  وَقَدْ اُسْتُوْفِيَ الْكَلَامُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي الْفَتَاوَى فَعَلَى الطَّالِبِ أَنْ يُرَاجِعَهَا  .
 وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ
يَتَعَوَّذَ بِهَذَا الدُّعَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً , فَإِنَّهُ سَبَبُ الْعِصْمَةِ مِنْ الْكُفْرِ بِدُعَاءِ سَيِّدِ الْبَشَرِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { اللَّهُمَّ أَنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ أَنْ أُشْرِكَ بِك شَيْئًا وَأَنَا أَعْلَمُ وَأَسْتَغْفِرُك لِمَا لَا أَعْلَمُ إنَّك أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ { ثُمَّ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ وُجُوهٌ تُوجِبُ الْإِكْفَارَ وَوَجْهٌ وَاحِدٌ يَمْنَعُهُ يَمِيلُ الْعَالِمُ إلَى مَا يَمْنَعُهُ وَلَا يُرَجِّحُ الْوُجُوهَ عَلَى الْوَاحِدِ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ لَا يَقَعُ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ وَلِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ الْوَجْهَ الَّذِي لَا يُوجِبُ الْإِكْفَارَ.

) فَصْلٌ) وَفِي الْفَتَاوَى مَنْ يُقِرُّ بِالتَّوْحِيدِ وَيَجْحَدُ الرِّسَالَةَ إذَا قَالَ : لا  إلَهَ إلَّا اللَّهُ  لا  يَصِيرُ مُسْلِمًا، وَإِذَا قَالَ مَعَهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ يَصِيرُ مُسْلِمًا.

                                               1                                                          

العودة الى صفحة
أحكام الرّدّة  في مذهب  السادة الاحناف

العودة الى صفحة
أحكام الرّدّة  في المذاهب الاربعة